صباح الخير يا وطن – قناة الفجيرة
س: كيف من الممكن أن نطور مهارات الطفل ونكتشف قدراته واستيعاب.. أكيد هناك العديد من المهارات، التي لابد أن نفهمها من المختصين والمدربين والأساتذة والأطباء في هذا المجال.. طبعا، إذا تكلمنا اليوم عن الطفل، وهناك العديد من الأسئلة، لكن اليوم نتكلم عن التربية الخاصة للطفل، فكيف نكتشف الطفل ونعرف أنه ذكي في المرحلة العمرية المبكرة من سنتين تقريبا أو من مرحلة عمرية متقدمة، لكن كيف نعرف أن لدى هذا الطفل مستويات متعددة من الذكاء؟
ج: اولاً، علينا أن نعرف ما هو الذكاء، وبالتعريف هو: قدرة الطفل على التفكير والتحليل والاستنتاج والاستنباط والتخيل، حتى يصل لنتيجة ينمي فيها قدراته الذهنية والفكرية..
بالنسبة للسؤال عن الذكاءات المتعددة، أول شيء أحب أن أقول لك أن الذي اكتشف مظلة الذكاءات المتعددة هو هاورد جاردنرو، لقد غيّر لنا الذاكرة الاجتماعية والتفكير السلبي النمطي، الذي كان في مجتمعنا، حيث حوله من تفكير سلبي إلى إيجابي، وقال: لا تعتقدوا بأن الذكاء مرتبط بالنخبة فقط، بل هو موجود لدى الجميع، حكى عن ذكاءات متعددة، ولماذا علينا أن ننظر لكل طفل على أنه مميز..
أولا، تحدث عن الذكاء اللفظي واللغوي، حيث تكون لدى الشخص أو الطفل سرعة الحفظ، وتعدد باللغات، بحيث يعرف كيف يحكي بطريقة سريعة ولغات متعددة.
ثانيا، الذكاء المنطقي عندما يكون الشخص يفهم المضمون، لا أن يحفظ بصما، وهذا يكون عند الذكاء بالأرقام.. الأم بالبيت فيها مثلاً إذا ملأت زجاجة مياه، تستطيع أن تقول أه ه ه ماما نصفها مملوءة ونصفها الآخر فارغة، ويربطها برأسه بذكاء.
ثالثا، الذكاء الحركي، مثل الرياضيين وغيرهم ممن لديهم قوة حقيقية ونشاط وقوة تحمل.
رابعا، هذا الذكاء يوجد لدى أشخاص متنوعي الذكاء، ونقول باللهجة العامية: “كأنو راسو خريطة”، يقدر يتنقل في الأماكن، مثل الطيار الذي تكون لديه هذه المهارات، مثل معرفة الاتجاهات والاماكن.. وهناك ذكاءات أخرى.
س: هناك عند الوالدين تفكير نمطي عن الطفل، من قبيل: يجب أن يكون مجتهدا يكون وذكيا، وأن يكون متفوقا في كل شيء على أقرانه، علما بأن نسب الذكاء والاستيعاب تتفاوت من طفل لآخر.. كيف من الممكن أن ننمي هذه المهارات، لكن بطريقة لا تؤذي الطفل، لأنه ممكن أن تؤثر سلبا عليه في بعض الأحيان، فكيف ترين هذه القضية؟
ج: هذا السؤال مهم، لأن الأم والأب يربوا أولادهم ويقولون: إياكم ألا تحصلوا على العلامة الكاملة في الامتحان.. عشرة من عشرة، وأن تتفوقوا بالدراسة.. من الصواب أن نراعي الفروقات الفردية بين الطلاب، وما هي نقاط القوة لدى هذا الطالب أو ذاك.. نركز عليها ونستخدمها نقطة بداية، حتى نصل لأقصى شيء من الممكن أن يعطينا إياه، حتى نفيد المجتمع ونبنيه..
إن الأهل ممكن أن ينزلوا إلى مستوى الولد بالتعامل معه بالحكي، لكن يجب أن ينتبهوا كثيرا أن الطفل ذكي، ويجب ألا نعامله بطريقة غبية، بل بطريقة ذكية توازي ذكاءه، حتى نصل لأحسن ما لدى الطالب أو الطالبة، وهنا أشدد كثيرا على نقطة مهمة، وهي أن يكتشف الأهل ويراقبوا أولادهم، ويطلعوا على العلامات التي حصل عليها الطالب ويبدع فيها.
س: اليوم نتحدث عن التربية الخاصة أو الدامجة، وأعتقد أن هذه الفئة حساسة جدا وعلينا نأخذ لها أهمية كبيرة عند التعامل معها, لكن بعض الناس وأولياء الأمور يخافون من إدماج أطفالهم الذين يحتاجون إلى مراكز خاصة بالدمج، فكيف ممكن أن نشجع أولياء الأمور على هذه الخطوة، وندمج هؤلاء الأطفال أو الشباب في المجتمع؟
ج: أولاً, أهم شي أن نفهم الأولاد أن يتعايشوا مع بعضهم بعضا في مجتمع سليم صحي، ليثبت الطفل نفسه، ويكون شخصيته قوية قادرة على تخطي التحديات التي تواجهها.. هنا أقول للأهل: لا تخافوا من دمج أولادكم في المجتمع، ونظرتكم لهم هي انعكاس للمجتمع، الذي سيراهم بالرؤية نفسها.. إذا كنتم خائفين من هذا الدمج، فستكون هناك مشكلة في تقبل ومراعاة الفروق الفردية..
أود أن أقول شي للأهل: أنا أرغب بأن أسلحهم بالعلم، بحيث لا يخافوا ويخجلوا من حال ابنهم في صعوبات تعلمية أو أصحاب الهمم، بل عليهم دمجهم في المجتمع بكل ثقة، وأن ينموا لديهم شخصية القائد، الذي يعرف كيف يثبت وجوده ويتحدث ويحمي نفسه من التنمر.. كيف يتخطى التحديات.. كيف يأخذ القرارات بالاوضاع الصعبة (حتي يعيش طبيعيا).. نعم, لأنهم بالنهاية لديهم همة ليست أقل منا.. مهمتنا نحن التربويين أن نكتشف نقاط القوة لدى هؤلاء ونستغلها، لنجعل منه، بمساعدة الأهل، فردا ناجحا بالمجتمع، ونؤثر فيه نحو الأفضل، ليساعدنا نحن والعائلة، ويحسن من جودة حياتنا ومجتمعنا.
س: بصفتك باحثة في حقول التربية، ذكرتي نقطة مهمة جدا، وهي أنَّ الطفل ينافس نفسه، ويكون النسخة الأفضل من نفسه. كيف من الممكن أن يفعل ذلك، دون حاجة من الوالدين، ودون المقارنة حتى مع الأخوة، و( تأثيرها سلبي لا محالة)، ولكن كيف من الممكن أن نشجع الطفل لينافس نفسه؟
ج: أولا، أركز على الأشياء بصفتي تربوية وأم.. أولا كيف أنمي الشخصية القائد عند الطفل، وكيف أبعد عنه المثبطات التي تحد من مستوى الذكاء عنده.. كيف أقرأ مع ابني.. كيف أهتم بصحته الجسدية والنفسية والصحية والاجتماعية.. كيف يكون يتحدث للآخرين.. ؟
كيف عندما ما أقارنه بشخص آخر أو بطفل آخر من أقرانه.. كيف أنصفه.. كيف أعطي هذا الشخص نقاط القوة الحقيقية، أو أركز على نقاط القوة التي لديه، حتى أصل لأحسن شيء ممكن، فبالقراءة مع ابني، أنمي لديه المخزون اللغوي، وأقوي ثقته بنفسه، وأهتم به من ناحية الصحة والأكل، لأن الجسم السليم يؤثر على نمو القدرات العقلية والفكرية.
ونسعى نحن التربويين ليأخذ الأولاد قسطا من الراحة التي يحتاجونها، ونشدد على أن يناموا باكرا، (في مثل عنا بلبنان يقول: نام بكير واصحى بكير.. شوف الصحة كيف بتصير)، وأن يأخذوا القيلولة بالنهار، حتى يتنشط ذهنهم. دائما أركز بالبيت على الأسس المتينة، التي تعطي شخصية قوية منها الرياضة مثلا، حتى ينفس الولد الطاقة السلبية، ويكتسب الطاقة الإيجابية، والسباحة التي اكتشفت الدراسات أنها تؤثر على الدماغ ونمو الأعصاب بطريقة سليمة وصحيحة.
س: إذن، نحن نتكلم مثلما تفضلتي عن التربية الخاصة التي يحتاجها الأطفال، ممكن يكون معي في البيت الأطفال الذين شخصيتهم طبيعية.. كيف نحن أولياء أمور في البيت نستطيع أن نفرق في التعامل بين الأطفال الذين يحتاجون لتربية خاصة وبين الاطفال الطبيعين؟
ج: نعم، الأشخاص الذين يحتاجون التربية الخاصة، إذا أردنا أن نعطيهم الحب والأمان ونؤمن لهم البيئة الحاضنة المناسبة.. إذا فشل الولد في المدرسة، وكانت قدراته أقل من قدرات أخوته أو أقرانه بالمدرسة..
س: نتيجة الخوف عليه يمكن أن أتركه بغرفة لوحده وأراقبه، هل هذه الأشياء يمكن أن تعيق مسألة التربية الإبداعية التي علينا أن نطورها فيه.. هذه القصة المهمة.. الفشل لا بد منه، لا بد أن أبلغ الولد أنني فشلت من قبل، ويمكن أنا أغلط بالمستقبل.. الكمال لله وحده.. يعني أنا أعرف أن ابني لا يخاف من الفشل، ويتخذ القرارات السليمة.
الفشل.. أحد العلماءعرف النجاح بأنه إحدى المحاولات الفاشلة.. يجب أن اشجع الطفل، حتى لو فشلت ووقعت في حفرة، لا تخف، وانهض بطريقة اقوى.. أشجعه إذا كنت تلعب مع أقرانك، فلا تخف منهم، ولا من الاحتكاك معهم، بالعكس أحبب هذا الشيء، لأن فيه تبادل أفكار وآراء مع الأولاد بطريقة سليمة تنمي قدراتنا فكريا..
اكتشفت الدراسات أن الإنسان الذي لديه صعوبات تعليمية، إذا لم يكن مستقلا، يعني يعتمد على شخص أكبر منه يكتأب نفسيا، أريد أن أصل لدرجة أن يكون سيد نفسه، وصاحب قرار، وذا شخصية مستقلة.. يعرف كيف أنه إذا فشل ليست نهاية العالم.
س: كيف من الممكن ان نهيء هؤلاء الأطفال بأن الفشل، هو محاولة نجاح، ونشجعهم بأن يعطون كل ما يقدروا عليه، حتى وإن لم ينجحوا نحن وإياهم صغارا وكبارا؟
ج: عندما أشعرهم بصفتي أما بالأمان والحب، ستختلف مشاعرهم وتفاعلهم، .. تشير إحدى الدراسات إلى أن الأم عندما تحضن أولادها، وتقول لهم: أنا أحبكم سواء نجحتم أم سواء فشلتم، فإن هذا التواصل الجسدي يؤثر على نمو الدماغ ومستوى الذكاء.. سأقول لابني: أنا أتقبلك كما أنت.. استمتع بالعملية كلها ولا تقلق من الرحلة، طالما أنت تستمتع بالتعلم وبطريقة التعلم، وتتمتع بالتحليل والمكتسبات والمهارات التي تكتسبها، وأنا أم ومرتاحة كونك مبسوط وسعيد وناجح، وبهذه الطريقة نعطيه الأمان.
المقدمة: الأمهات والأباء يجب أن يغيرون طريقة التفكير.. نحن لدينا خوف “فوبيا” من الرسوب، ومن الكيكة الحمراء، وهناك أطفال يحاولون تغيير الدرجات إلى النجاح، مع أنهم راسبون.. !!
س: نحن تكلمنا عن الخوف وعن الإرتباك أيضا، العامل النفسي مهم جدا لدى الطفل وأولياء الأمور، فاليوم، كيف ممكن أن أحتاج أنا ولي الأمر الدعم النفسي والتوجيهي والاجتماعي.. قد يظن الكثيرون أنه من الغلط الذهاب إلى مركز تدريب أو لمدرب أو لدكتور أو لمختص بالتربية الخاصة، لأحصل على الدعم النفسي والتربوي في تربية الطفل، ماذا تقولين هنا؟
ج: مهم أن نعرف الثقة بالنفس، وكيف نزرعها بالتربية والتعليم، فهي ليست علما وحسب، إنما فن ومهارات، فنحن نحتاج أن نلجأ للمختصين، ليساعدوننا على إصلاح أخطاءنا.. شخصيا لم أكن أعرف الـ “سيلف كيير”، وكيف أهتم بنفسي جسديا وعاطفيا، حتى أكون سعيدة أنا ورفيقاتي.. لا أصنع في بيتي هذا الـ “سترس” و”التينشن”، ما يجعل الشخص غير منتج وغير مرتاح، ليصل إلى مرحلة يفوت فيها في نفق مظلم، للأسف لن يكون هناك بصيص ضوء وأمل.
نلجأ نحن التربويين إلى الأشخاص وحتى للبرفسور، كما يلجأ الأهل للاستشاريين، لأنهم يعرفون العلم الخاص بهذا المجال، ولديهم الأساليب الصحيحة، ليختاروا لنا ما يناسب عائلتنا، وبالنكهة التي تتناسب وعلاقتي أنا وزوجي، مع الانتباه إلى أن علاقة الزوج والزوجة، تساعد كثيرا ليكون جو البيت حلو.. يعني هنا نتذكر أننا لا نعمل ضد بعضنا بعضا، بل نعمل معا لمصلحة الأولاد, لنلاقي الحل الأمثل، كيف نخدم ابنا.. هذه النقطة الجوهرية، فالمعلم يعلم مثل ما أنت تعلم..
ربوني أجدادي، وأربي أولادي.. هذه النقطة ليست مضبوطة بهذا الزمن, التربية صارت أصعب، لأن الزمن تغير.. دخلت التكنولوجيا عليها، وهم يقولون رجاء التقنين باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الإلكترونية، لأنها تؤدي لتلف الدماغ، وتؤثر على مستوى الذكاء، وتؤدي إلى الخرف والزهايمر عند الكبر، وفي مرحلة الطفولة أيضا.
عندما نترك الأولاد يقرأونُ بالكتب، لا بد من التركيز على المضمون والمحتوى، ونتأكد من عدم وجود أشياء مخالفة لشرعنا ولقيمنا ولأساليبنا (خاصة الآيباد) ..
س: اذا ممكن تخبرينا بنصائح للوالدين الذين يتابعوننا، عبر شاشة تلفزيون الفجيرة، وكيف من الممكن أن يكونوا فعلا قادرين على توفير بيئة في هذا المنزل داعمة وأكيد محفزة لهذا الطفل؟
ج: في ورشة عمل، أخبرونا أن نهيأ الأطفال لمراحل أو لوظائف لم توجد حتى الآن.. يعني نحن محتاجون أن يعرف الأهل.. سأعطيكِ مثلا مر في حياتي عبر قصص كثيرة في لبنان.. لقد تغيرت الأوضاع الاقصادية و الاجتماعية كثيرا تاخرت.. كان أهل الفتاة، فيما سبق، يقولون: نحن سنبحث لابنتا عن عريس يعمل محاميا أو طبيبا أو مهندسا.. مع تغير تلك الظروف، تغير التفيكر، بحيث بات الأهل ومن باب التفاخر الـ “برستيج”، يتمنون أن يكون هذا العريس صاحب محطة وقود أو يعمل بالصرافة.. هذه القصص مهمة بحياتنا وعلى ارض الواقع..
مطلوب أن نعرف أن 80% من وصولنا ونجاحنا في مشاريعنا، إنما هو ناجم عن تغيير طريقة تفكيرنا ولو بنسبة 20%، ويأتي ذلك عندما نكتسب مهارة جديدة.. مثلا أنا أم أو تربوية، مطلوب أن أزرع في أولادي أهمية تغيير طريقة تفكيرهم.. لأن التغيير يوصل للنجاح والفلاح، ولترك بصمة خاصة، ومواجهة التحديات.. (نستنبط من هذا الكلام كله.. أن الطفل هو مرحلة عمرية من المهم جدا أن نهتم بها.. من صغره حتى يكبر، سواء أكان يحتاج تعليما خاصا أم طفلا طبيعيا).